للكلام بقية

دموع صابئة بين الأهل والوطن

رأي حر/تحسين الزركاني

تحسين الزركاني

سبعة آلاف عام هو العمر الافتراضي والتقريبي لحضارة بلاد مابين النهرين، تلك البقعة التي كان الأوائل يتخيلونها مباركة لانها سقطت من السماء وبقت معلقة فوق الارض لتتخذ معبدا يعمد فيه الملوك الذين تعاقبو على تلك البلاد، كما تشير الابحاث التاريخية على ان الصراع الدموي في العراق ليس وليد مرحلة او حقبة تاريخية لتجذره في الشخصية العراقية قديمة كانت ام حديثة، بغض النظر عن المستوى المعرفي او الثقافي او الادراكي للفرد الذي استوطن هذه البقعة، فجميع السياسات متشابهة في الجوهر مختلفة بالظاهر، تارة بغباء واخرى عن قصد وعمد، حتى وصلنا اليوم الى سياسة ممنهجة في تهجير سكان الوطن الاصليين والغاية معروفة سلفا، لتبق العمالة والتبعية هوية ساسته والمتنفذين في قراراته.

لم يطلب الصابئة المندائيين كغيرهم من باقي الديانات والمكونات التي هجرت قسرا المستحيل، كان يكفيهم وطن مازال عبق تاريخه معطرا باريجهم قبل الميلاد والاسلام، جّل طلباتهم كانت الامان والمساواة والعدالة الاجتماعية التي ادعى الدستور حبرا على ورق ضمانها، تساقطت مكونات البلد كما اوراق الشجر في خريف، كل يوم أقف مودعا لصديق او زميل إلى بلد مهجر، حتى سمعت بالامس عن هجرة السيد خالد ناجي واسرته بعد ياسه طوال سنوات الديموقراطية من المطالبة بدرجات لتوظيف الصابئة المندائيين في الديوانية اسوة باقرانهم من الخريجين، او انجاز معبد يؤدون في عباداتهم وطقوسهم شانهم شان الاغلبية، او الحصول على متر كقبر يدفن به المندائي بعد موته كغيره من المسلمين، لكن الفشل السياسي والعمد في تمزيق المجتمع وافراغه من مكوناته بحرمانهم من تلك الحقوق، على الرغم من كلمات قالها الرجل بان معبدهم هدية لاهالي المدينة يجتمعون به ويبنون ثقافة التعايش مع الاخر وقبوله، أوصانا وزوجته بدموع حيرة بين حب الوطن والم فراقه، وبين غربتهم عن اهلهم الذين سبقوهم هجرة من البلاد بحثا عن المواطنة في مكان آخر، اوصاني سلاما لجميع العراقيين.

فهنيئا لحكومة محلية تنصلت عن الايفاء بالتزامها تجاه مواطنيها، وبرلمان عجز عن تنفيذ ما اقره بدستور زائف معدل جينيا ضَمن فيه كرامة العيش والمساواة لجميع المواطنين، وبيروقراطية حكومية انتهجتها الوزارات في معاملاتها الورقية التي امتدت لعشر سنوات دون ان تنجز موافقة حصول المندائيين على قطعة ارض تكون مقبرة لدفن موتاهم اسوة بمقبرة السيارات المجاورة، فوداعا لاقرب الاصدقاء ولعنة على من صمت عن حقهم وتسبب بتهجيرهم قسرا لتخلو الدار للعملاء والجوار.

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *